في تاريخ الأدب العربي والفكر الإنساني، تبرز شخصية طه حسين كنموذج استثنائي للتحدي والإبداع. هذا المفكر الذي جمع بين المعاناة والنجاح، بين الظلام الذي أحاط بعينيه والنور الذي أضاء به عقول الملايين، استطاع أن يحول إعاقته إلى طاقة إبداعية هائلة.
لقد رسم طه حسين بقلمه وفكره مسارًا جديدًا للثقافة العربية، وأصبح رمزًا للتغلب على الصعاب وتحدي المستحيل. كان رائدًا في تجسير الفجوة بين الثقافة العربية والثقافة الغربية، ومجددًا في أساليب التفكير والنقد، ومصلحًا اجتماعيًا كرّس حياته لرفع شعار “التعليم كالماء والهواء” في عصر كان فيه التعليم حكرًا على النخبة والطبقات العليا.
في هذا المقال، نستعرض مسيرة طه حسين، من طفولته في قرية صغيرة بصعيد مصر إلى أن أصبح واحدًا من أبرز المفكرين العرب وأكثرهم تأثيرًا في القرن العشرين.
المحتويات
الطفولة والنشأة
ولادته وإصابته بالعمى
ولد طه حسين علي سلامة في 14 نوفمبر عام 1889 في عزبة الكيلو بمحافظة المنيا في صعيد مصر. كان ترتيبه السابع بين ثلاثة عشر من الأشقاء، في أسرة متوسطة الحال عاشت في ظروف اقتصادية واجتماعية متواضعة. كان والده موظفًا بسيطًا في إحدى الشركات، الأمر الذي جعل الأسرة تعيش حياة بسيطة في الريف المصري.
لكن المأساة الكبرى التي غيّرت مسار حياة طه حسين كانت فقدانه لبصره في سن مبكرة. فعندما بلغ الرابعة من عمره، أصيب بمرض الرمد، وهو التهاب معدٍ في العين. وبسبب الجهل والممارسات الصحية الخاطئة السائدة في ذلك الوقت، لم يُعرض على طبيب مختص، بل استُدعي حلاق القرية الذي وصف له علاجًا خاطئًا أدى إلى فقدانه البصر بشكل نهائي.
الخطوات الأولى نحو المعرفة
رغم إصابته بالعمى، لم يستسلم طه حسين للواقع المرير، بل تحدى النظرة المجتمعية التي كانت تحكم على المكفوفين بالعجز والقصور. في سن التاسعة، التحق بكُتّاب القرية ليحفظ القرآن الكريم، وأظهر قدرة استثنائية على الحفظ والاستيعاب. يقول في كتابه “الأيام”: “وقد اعتمد في حفظه وتلاوته على سمعه فقط، وكان سمعه رهيفًا قويًا عوضه الله به عن بصره”.
كان الكتّاب بالنسبة لطه حسين أول خبرة تعليمية منظمة وأسهم في تكوين شخصيته الفكرية المتعطشة للمعرفة. لم يكتفِ بالتعليم التقليدي في الكتّاب، بل كان شغوفًا بالمزيد من المعرفة، مما دفع والده إلى إلحاقه بالأزهر الشريف، المؤسسة التعليمية والدينية الأهم في مصر آنذاك.
المسيرة التعليمية
في رحاب الأزهر الشريف
انتقل طه حسين إلى القاهرة عام 1902 عندما بلغ الثالثة عشرة من عمره للدراسة في الأزهر الشريف. ورغم أن هذه الخطوة كانت نقلة كبيرة في حياته، إلا أنه واجه في الأزهر نظامًا تعليميًا تقليديًا لم يرضِ طموحاته وتطلعاته الفكرية. كانت المناهج التعليمية في الأزهر آنذاك تركز على النصوص الدينية والعلوم التقليدية، وكان الحفظ هو الأسلوب التعليمي السائد.
في هذه المرحلة، بدأت تتشكل نظرته النقدية للواقع التعليمي والثقافي. أدرك طه حسين أن التقاليد المتوارثة يمكن أن تعيق التقدم الفكري إذا لم تقترن بالتجديد والإبداع والانفتاح على الآخر. ومن هنا، بدأت تتبلور لديه بذور التمرد المعرفي والثقافي، وهو ما أوضحه لاحقًا في كتاباته وأعماله النقدية.
الانتقال إلى الجامعة المصرية
في عام 1908، مع افتتاح الجامعة المصرية (جامعة القاهرة حاليًا)، قرر طه حسين الالتحاق بها دون أن يترك الأزهر. كان هذا قرارًا جريئًا، إذ كان يعني الجمع بين منهجين تعليميين مختلفين: الأزهر بطابعه التقليدي والجامعة بمنهجها الأكثر انفتاحًا وتأثرًا بالثقافة الغربية.
في الجامعة، تعرف على مفكرين وأدباء غربيين وعرب، واطلع على أساليب البحث والنقد العلمي الحديثة. كان يدرس بشغف وتفانٍ، وحرص على تعلم لغات أجنبية مثل الفرنسية، ما مهد له الطريق لاحقًا للدراسة في فرنسا.
حصل طه حسين على الدكتوراه من الجامعة المصرية عام 1914 عن أطروحته “تجديد ذكرى أبي العلاء”، وكان أول مصري يحصل على هذه الدرجة من الجامعة المصرية.
الدراسة في فرنسا
بعد حصوله على الدكتوراه من الجامعة المصرية، سنحت لطه حسين فرصة الابتعاث إلى فرنسا لمواصلة دراسته العليا. سافر إلى فرنسا عام 1915، حيث درس في جامعتي مونبلييه والسوربون في باريس. كانت هذه الفترة محورية في تكوينه الثقافي والفكري، إذ تعمق في دراسة الحضارة الغربية، وتعرف على أساليب النقد الأدبي الحديثة، وتمكن من إتقان اللغتين الفرنسية واللاتينية.
وفي فرنسا، لم تقتصر دراسته على مجال تخصصه الأساسي، بل اتسعت لتشمل مجالات معرفية متنوعة مثل التاريخ والفلسفة وعلم النفس. حصل على درجة الدكتوراه الثانية من جامعة السوربون عام 1918 عن أطروحته حول “فلسفة ابن خلدون الاجتماعية”.
قصة حياته الشخصية
لقاء الحب: طه حسين وسوزان بريسو
خلال دراسته في مونبلييه بفرنسا عام 1915، وقعت حادثة غيّرت مجرى حياة طه حسين الشخصية. كان بحاجة إلى قارئ يساعده في دراسته بسبب إعاقته البصرية، فنشر إعلانًا في صحيفة محلية. لاحظت الإعلان شابة فرنسية تدعى سوزان بريسو (Suzanne Bresseau)، وتقدمت لمساعدته.
يصف طه حسين لحظة لقائهما الأول في 12 مايو 1915 قائلاً: “لم يكن ثمة شيء في ذلك اليوم ينبئني بأن مصيري كان يتقرر…”. بدأت العلاقة كعلاقة قارئة بطالب، ثم تطورت لتصبح صداقة عميقة، وأخيرًا تحولت إلى قصة حب من أجمل قصص الحب في تاريخ الأدب العربي.
الزواج وبناء الأسرة
في عام 1917، تزوج طه حسين من سوزان وسط ظروف صعبة في ظل الحرب العالمية الأولى. كان زواجهما محفوفًا بتحديات كبيرة: الاختلاف الثقافي، واللغوي، والديني. لكن حبهما كان أقوى من كل هذه التحديات. يقول طه حسين عن زوجته: “بدونك أشعر أني أعمى حقا. أما وأنا معك، فإني أتوصل إلى الشعور بكل شيء، وأني أمتزج بكل الأشياء التي تحيط بي”.
أنجب طه حسين وسوزان طفلين: أمينة وأنيس. وعلى مدى 56 عامًا، كانت سوزان رفيقة دربه ومصدر إلهامه وعونه. بعد وفاته، لم ترغب سوزان في العودة إلى فرنسا، بل اختارت البقاء في مصر وسجلت ذكرياتها مع زوجها في كتاب خاص.
دور سوزان في مسيرته العلمية والأدبية
كان لسوزان دور محوري في مسيرة طه حسين العلمية والأدبية. يعترف بذلك قائلاً: “أنا مدين لها أن تعلمت الفرنسية، وأن عمقت معرفتي بالأدب الفرنسي، وأنا مدين لها أن تعلمت اللاتينية ونجحت في نيل إجازة الآداب، وأنا مدين لها أخيرًا أن تعلمت اليونانية واستطعت أن أقرأ أفلاطون في نصوصه الأصلية”.
كانت سوزان تقرأ له النصوص وتناقشه فيها، ساعدته في التعرف على الأدب والفكر الغربي، وترجمت له العديد من الكتب والمقالات. كما ساعدته في كتابة مؤلفاته وتصحيحها. كانت بمثابة عينيه التي يرى بها العالم، وعقله الثاني الذي يناقشه ويحاوره.
المسيرة المهنية والإدارية
المناصب الأكاديمية
بعد عودته من فرنسا، بدأ طه حسين مسيرته المهنية في الجامعة المصرية، حيث عيّن أستاذًا للتاريخ اليوناني والروماني. ثم أصبح أستاذًا لتاريخ الأدب العربي في كلية الآداب، وترقى ليصبح عميدًا للكلية.
في عام 1930، عُين طه حسين عميدًا لكلية الآداب بجامعة القاهرة، وكان أول مصري يتولى هذا المنصب. خلال فترة عمادته، قام بتطوير المناهج الدراسية وإدخال أساليب تعليمية جديدة، وشجع البحث العلمي والنقد الأدبي. كما عمل على توسيع نطاق المنح الدراسية للطلاب المتفوقين للدراسة في الخارج.
عيّن لاحقًا مديرًا لجامعة الإسكندرية، حيث واصل جهوده في تطوير التعليم الجامعي وتحديثه.
وزير المعارف ومجانية التعليم
في 12 يناير 1950، تولى طه حسين منصب وزير المعارف (التعليم) في مصر، وخلال فترة توليه هذا المنصب التي استمرت حتى 27 يناير 1952، وضع أسس مجانية التعليم في مصر ورفع شعاره الشهير “التعليم كالماء والهواء، حق لكل إنسان”.
كان منطلق طه حسين في مشروعه للتعليم أن التعليم ليس ترفًا، بل ضرورة أساسية للمجتمع كالماء والهواء. وقد أصر على ألا يكون التعليم مقصورًا على طبقة دون أخرى، بل يجب أن يكون متاحًا للجميع بغض النظر عن وضعهم الاجتماعي أو الاقتصادي.
خلال فترة وزارته، أصدر قرارًا بمجانية التعليم الثانوي، وتوسع في بناء المدارس، خاصة في المناطق الريفية والنائية. كما اهتم بتطوير المناهج التعليمية وجعلها أكثر ملاءمة لاحتياجات المجتمع المصري والعربي.
الإنتاج الأدبي والفكري
كتاب “الأيام”
يعد كتاب “الأيام” من أشهر أعمال طه حسين وأكثرها تأثيرًا في الأدب العربي الحديث. صدر الجزء الأول منه عام 1929، والجزء الثاني عام 1939، أما الجزء الثالث فقد ألفه خلال رحلته إلى باريس عام 1972.
“الأيام” هو سيرة ذاتية يروي فيها طه حسين قصة حياته منذ طفولته في قريته حتى رحلته التعليمية، ويصور فيها معاناته مع العمى وكفاحه من أجل التعليم والمعرفة. يتميز الكتاب بلغته الشاعرية وأسلوبه البديع، ويعتبر مؤسسًا لفن السيرة الذاتية في الأدب العربي الحديث.
يقول في مقدمة كتابه: “هذا حديث أمليته في بعض أوقات الفراغ، وهو إن صح أن أسميه قصة، فهو قصة نفس. قلت فيه ما شعرت به، وما عانيته في الحياة الفردية والجماعية”.
كتاب “في الشعر الجاهلي” والجدل حوله
من أكثر كتب طه حسين إثارة للجدل كتاب “في الشعر الجاهلي” الذي صدر عام 1926. أثار هذا الكتاب عاصفة فكرية امتدت عقدًا كاملًا، وانطلقت معركة حامية الوطيس في العالم العربي والإسلامي.
في هذا الكتاب، شكك طه حسين في صحة كثير من النصوص المنسوبة إلى الشعر الجاهلي، ورأى أنها قد تكون منحولة أو موضوعة في عصور لاحقة. كما تساءل عن وجود بعض الشعراء الجاهليين المشهورين مثل امرؤ القيس، قائلًا: “ما أدرانا أن يكون امرؤ القيس موجودًا أصلا… وإنما هو محمول عليه حملًا ومختلق عليه اختلاقًا”.
أثار هذا الكتاب ردود فعل غاضبة من المؤسسات الدينية والتيارات المحافظة، وتعرض طه حسين للهجوم والتشكيك في وطنيته ودينه. تم سحب الكتاب من الأسواق، وأعاد نشره لاحقًا بعنوان “في الأدب الجاهلي” مع بعض التعديلات.
أعماله الأخرى
إضافة إلى “الأيام” و”في الشعر الجاهلي”، ألف طه حسين العديد من الكتب والمؤلفات في مختلف المجالات الأدبية والفكرية، منها:
- “مستقبل الثقافة في مصر” (1938)
- “دعاء الكروان” (رواية)
- “المعذبون في الأرض”
- “حديث الأربعاء”
- “من حديث الشعر والنثر”
- “مع أبي العلاء في سجنه”
- “على هامش السيرة”
بلغت مؤلفاته نحو 60 كتابًا، منها 6 روايات، إضافة إلى أكثر من 1300 مقالة في الصحف والمجلات.
منهجه النقدي وآراؤه الفكرية
الشك المنهجي
اعتمد طه حسين في منهجه النقدي على “الشك المنهجي” المستوحى من فلسفة ديكارت. كان يرى أن الشك هو بداية اليقين، وأن على الباحث والمفكر أن يشكك في المسلمات والأفكار الموروثة ليصل إلى الحقيقة.
يقول: “الشك طريق إلى اليقين، فأنا أشك ثم أضع الشك موضع التمحيص والنقد، للكشف عن الحقيقة”. هذا المنهج النقدي الشكي أحدث ثورة في النقد الأدبي والفكري العربي، وفتح المجال أمام مراجعة نقدية للتراث العربي.
المنهج العقلاني
إلى جانب الشك المنهجي، اعتمد طه حسين على المنهج العقلاني في تحليل النصوص والظواهر الأدبية. كان يرفض التقليد الأعمى والتبعية للآراء الموروثة، ويدعو إلى إعمال العقل والنظر العلمي في دراسة الأدب والتراث.
كان يؤمن بأن العقل هو الحكم الأول والأخير في تقييم الأفكار والنصوص، وأن على المفكر أن يتحرر من قيود التقليد ويتبنى موقفًا نقديًا مستقلًا.
التجديد والانفتاح على الثقافة الغربية
كان طه حسين من أوائل المفكرين العرب الذين دعوا إلى الانفتاح على الثقافة الغربية والاستفادة من منجزاتها العلمية والفكرية. رأى أن النهضة العربية لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال الحوار مع الآخر والانفتاح على تجاربه.
في كتابه “مستقبل الثقافة في مصر”، يؤكد أن مصر جزء من الحضارة المتوسطية، وأن عليها أن تستفيد من تجارب الحضارات الأخرى دون أن تفقد هويتها وخصوصيتها الثقافية.
إرثه وتأثيره
تأثيره على الثقافة العربية
ترك طه حسين إرثًا ثقافيًا وفكريًا عميقًا في الثقافة العربية. كان له تأثير كبير في تطوير النقد الأدبي، وإعادة قراءة التراث العربي بمنظور جديد، وفتح آفاق التجديد والإبداع في الأدب العربي.
ساهمت كتاباته ومواقفه في تشكيل وعي جديد في العالم العربي، وعي قائم على الحرية الفكرية والنقد البناء والانفتاح على الآخر. كما ساهم في تحرير العقل العربي من قيود الجمود والتقليد، ودفعه نحو المشاركة في الحضارة الإنسانية.
تأثيره على التعليم
كان لطه حسين تأثير كبير على تطوير التعليم في مصر والعالم العربي. من خلال مواقعه المختلفة كأستاذ جامعي وعميد وفي النهاية وزير للمعارف، عمل على تحديث التعليم وجعله أكثر انفتاحًا وملاءمة لاحتياجات العصر.
أسهم في وضع أسس مجانية التعليم في مصر، وهو ما جعل التعليم متاحًا لشرائح واسعة من المجتمع كانت محرومة منه. كما ساهم في تطوير المناهج الدراسية وأساليب التدريس، وتشجيع البحث العلمي والحوار الفكري.
الجوائز والتكريمات
حصل طه حسين على العديد من الجوائز والتكريمات، منها:
- جائزة الدولة العليا في مصر التي قدمها له الرئيس جمال عبد الناصر
- جائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عام 1973
- درجات شرفية من جامعات عالمية مرموقة، منها جامعة مونبلييه وجامعة ليون وجامعة مدريد
كما رُشح لجائزة نوبل في الأدب إحدى وعشرين مرة، مما يعكس مكانته الأدبية والفكرية العالمية.
أقواله المأثورة
كان طه حسين يمتلك عقلًا نيّرًا وقلمًا بليغًا، وقد ترك لنا العديد من الأقوال والحكم التي تعكس عمق تفكيره ونضج رؤيته، منها:
“التعليم كالماء والهواء، حق لكل إنسان.”
“الشك طريق إلى اليقين، فأنا أشك ثم أضع الشك موضع التمحيص والنقد، للكشف عن الحقيقة.”
“الجمال لا يستقيم إلا إذا جاوره القبح، والنعيم لا يكمل إلا إذا جاوره الجحيم.”
“أكبر الظن أن شقاء الأشقياء، هو الذي أذكى سعادة السعداء.”
“بدونك أشعر أني أعمى حقا. أما وأنا معك، فإني أتوصل إلى الشعور بكل شيء، وأني أمتزج بكل الأشياء التي تحيط بي.” (رسالة لزوجته سوزان)
وفاته وتكريمه
توفي طه حسين في القاهرة يوم 28 أكتوبر 1973 عن عمر يناهز 84 عامًا، تاركًا إرثًا من النور أضاء مصر والعالم العربي رغم ظلام عينيه. أقيمت له جنازة رسمية شارك فيها آلاف المصريين، وحضرها رموز الفكر والثقافة والسياسة.
تحول منزله في الهرم إلى متحف يحمل اسمه، ويضم مقتنياته الشخصية ومكتبته الضخمة، ويعد مزارًا ثقافيًا وتاريخيًا هامًا. كما أطلق اسمه على العديد من الشوارع والمدارس والمؤسسات التعليمية في مصر والعالم العربي، تخليدًا لذكراه وتقديرًا لإسهاماته الفكرية والثقافية.
خاتمة
في ختام هذه الرحلة مع سيرة طه حسين، نستطيع أن نؤكد أن حياته كانت ملحمة إنسانية رائعة في التحدي والإصرار والإبداع. استطاع أن يحوّل إعاقته إلى منحة، وأن يجعل من الظلام الذي أحاط بعينيه نورًا أضاء به دروب المعرفة والثقافة في العالم العربي.
كان طه حسين بحق “مُبصرًا وسط العميان” — كما لُقب — فقد استطاع أن يرى بعقله وبصيرته ما عجز الكثيرون عن رؤيته ببصرهم. كان ثائرًا على الجمود والتقليد، داعيًا إلى التجديد والإبداع، مؤمنًا بقيمة الحرية والعقل والانفتاح على الآخر.
الدرس الأعظم الذي تعلمناه من قصة طه حسين هو أن الإعاقة الحقيقية ليست في العين التي لا تبصر، بل في العقل الذي لا يفكر، وفي الإرادة التي تستسلم للعجز واليأس. لقد علمنا أن الإنسان قادر على تجاوز إعاقته وتحويلها إلى طاقة إبداعية، وأن الحدود الحقيقية هي تلك التي نضعها لأنفسنا.
سيظل طه حسين حيًا في ذاكرة الثقافة العربية، ملهمًا للأجيال، نموذجًا للمفكر المستنير الذي يؤمن بالعلم والمعرفة، ويناضل من أجل الحرية والتقدم والعدالة. سيظل كما كان دائمًا: عميد الأدب العربي، وأحد رواد النهضة الفكرية والثقافية في العالم العربي.
مصادر البحث والمراجع
- [ويكيبيديا العربية – طه حسين]
- [الجزيرة – طه حسين.. عميد الأدب العربي]
- [Al Jazeera – في الشعر الجاهلي لطه حسين.. عاصفة التشكيك]
- [رصيف22 – “ما بيننا يفوق الحبّ”.. قصة طه حسين وزوجته سوزان]
- [اليوم السابع – مبصر وسط العميان.. طه حسين الذي تسبب الجهل في فقدان بصره فأنار العقول]
- [nabdalarab.com – النقد الأدبي عند طه حسين أبرز القضايا والتحليلات]