زهرة داليا برتقالية ناضجة بأوراق مفروشة في الخلفية، ترمز إلى العظمة المتواضعة والجمال الداخلي

أفضل الناس: من تواضع عن رفعة، وعفا عن قدرة، وأنصف عن قوة

أفضل الناس ليسوا أولئك الذين تسلّقوا القمم بلا أثر، ولا من جمعوا المجد جبرًا وتسلّطًا، بل هم من نزلوا من عليائهم تواضعًا، وغفروا في لحظة قدرة، وأنصفوا حين اشتدّت في أيديهم القوة.

في زمن يضج بالأنانية والاستعراض، تأتي كلمات عبد الملك بن مروان كنسمة ناعمة وسط صخب الحياة، تقول لنا إن الإنسان لا يُقاس بسلطانه أو جبروته، بل بلحظة نُبل، بنظرة عدل، بقرار رحيم. هي حكمة من زمن مضى، لكنها ما زالت تنبض بالضياء، تهمس لنا أن السمو الحقيقي ليس في العرش، بل في القلب المتسامح، واليد المنصفة، والروح المتواضعة رغم المجد.

التواضع عن رفعة: قمة النبل الإنساني

التواضع الحقيقي ليس ضعفاً أو قلة شأن، بل هو اختيار واعٍ يتخذه الأقوياء والعظماء. عندما يملك الإنسان المكانة العالية والجاه الرفيع، ثم يختار التواضع، فإنه يُظهر نضجاً روحياً ووعياً عميقاً بحقيقة الوجود.

فالتواضع عن رفعة يعني:

  • الاعتراف بأن المكانة العالية مسؤولية وليس امتيازاً للتكبر
  • فهم أن العظمة الحقيقية تكمن في خدمة الآخرين وليس في التعالي عليهم
  • إدراك أن الرفعة الدنيوية زائلة، بينما النبل الخُلقي باقٍ

العفو عن قدرة: سمو الروح وعلو الهمة

من أجمل ما يميز الإنسان الفاضل قدرته على العفو حين يملك القدرة على الانتقام. هذا النوع من حكم وأقوال السلف يُظهر لنا معنى القوة الحقيقية، فالقوة ليست في إيذاء من أخطأ، بل في كبح جماح النفس والترفع عن الصغائر.

العفو عن قدرة له فوائد عديدة:

  • يطهر القلب من الأحقاد والضغائن
  • يكسب احترام وتقدير الآخرين
  • يحول العدو إلى صديق في كثير من الأحيان
  • يجعل الإنسان يشعر بالسكينة الداخلية والرضا

الإنصاف عن قوة: عدالة الأقوياء

أما الإنصاف عن قوة، فهو أصعب الفضائل الثلاث وأعظمها أجراً. فكم من الأقوياء يستخدمون قوتهم لظلم الضعفاء أو انتهاك حقوقهم! لكن الإنسان المتميز هو من يجعل قوته في خدمة العدالة والحق.

التواضع والأخلاق النبيلة تجعل صاحبها يدرك أن القوة أمانة، وأن استخدامها للإنصاف والعدل هو الطريق الأمثل لتحقيق التوازن في المجتمع.

دروس مستفادة من حكمة عبد الملك بن مروان

هذه الحكمة الخالدة تقدم لنا دليلاً عملياً لنكون من أفضل الناس:

أولاً: اجعل تواضعك دليل قوتك، وليس ضعفك. كلما ازدادت مكانتك، ازدد تواضعاً وقرباً من الناس.

ثانياً: لا تستخدم قدرتك للانتقام، بل للإصلاح والبناء. العفو يرفع من شأنك ويزيد من هيبتك الحقيقية.

ثالثاً: دع قوتك تكون في خدمة العدالة. الإنصاف عن قوة يجعلك محبوباً ومحترماً من الجميع.

تطبيق الحكمة في حياتنا اليومية

في عالمنا المعاصر، نحتاج أكثر من أي وقت مضى لتطبيق هذه المبادئ. سواء في العمل، أو الأسرة، أو المجتمع، يمكن لكل منا أن يكون من أفضل الناس من خلال:

  • ممارسة التواضع مع الزملاء والأصدقاء
  • العفو عمن أخطأ في حقنا عندما نملك القدرة على معاقبته
  • إنصاف الآخرين حتى لو كانوا أضعف منا

خاتمة: طريق التميز الإنساني

حكمة عبد الملك بن مروان تذكرنا بأن الطريق إلى أن نكون من أفضل الناس واضح ومحدد. إنه لا يتطلب ثروة أو منصباً عالياً، بل يحتاج إلى قرار واعٍ بالتخلق بأخلاق النبلاء والعظماء.

فلنجعل من هذه الحكمة منهاجاً في حياتنا، ولنسعى لأن نكون ممن تواضع عن رفعة، وعفا عن قدرة، وأنصف عن قوة. بذلك نحقق التميز الحقيقي ونترك أثراً إيجابياً في هذا العالم.